سورة البقرة - تفسير أيسر التفاسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259)}
{يُحْيِي} {آيَةً}
(259)- واذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ مَثَلاً مِنْ الأمْثَالِ البَالِغَةِ الغَرَابَةِ، وَهُوَ مَثَلُ الرَّجُلِ الذِي مَرَّ عَلَى قَرْيةٍ خَالِيَةٍ مِنْ سُكَّانِهَا (وَقِيلَ هِيَ بَيْتُ المَقْدِسِ بَعْدَ أَنْ خَرَّبَها بَخْتَنَصَّرُ) وَقَدْ خَرِبَتْ وَسَقَطَتْ سُقُوفُها عَلَى عَرْصَاتِها، فَأَخَذ يَتَفَكَّرُ فِيمَا آلَ إليهِ حَالُها، وَقَدْ كَانَتْ عَامِرَةً فِيمَا سَلَفَ مِنَ الأَزْمَانِ، وَسَأَلَ نَفْسَهُ كَيْفَ (أَنَّى) يَسْتَطِيعُ اللهُ أنْ يُحْيِيَ هَذِهِ القَرْيَةَ، وَيُعِيدَها إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيهِ مِنْ عُمْرانٍ وَسُكْانٍ. فَأَمَاتَهُ اللهُ تَعَالَى مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ، وَقَدْ عَمَرَتِ المَدِينَةُ، وَتَكَامَلَ سَاكِنُوهَا. وَسَألَهُ اللهُ تَعَالَى كَمْ لَبِثْتَ؟ قَالَ: يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ. فَانْظُرْ إِلَى مَا كَانَ مَعَكَ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَفَاكِهَةٍ لَمْ يَتَعَطَّلْ مِنْهُ شَيءٌ وَلَمْ يَفْسُدْ. وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ الذِي نَخِرَتْ عِظَامُهُ، وَتَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، كَيْفَ يُحيِيهِ اللهُ، وَأَنْتَ تَنْظُرُ إِلَيهِ، وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً عَلَى قُدْرَتِنا عَلَى بَعْثِ العِبَادِ يَوْمَ المَعَادِ، وَنُزِيلَ بِذَلِكََ تَعَجُّبَكَ، وَنُرِيَكَ آيَاتِنا فِي نَفْسِكَ وَطَعَامِكَ وَشَرَابِكَ. وَانْظُرْ إلى عِظَامِ الحِمَارِ كَيْفَ نَرْفَعُها (نُنْشِزُها) فَيَرْكَبُ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ، ثُمَّ نَكْسُو العِظَامَ لَحْماً. وَالقَادِرُ عَلَى أنْ يَكْسُوَ هَذِهِ العِظَامَ لَحْماً، وَيَمُدَّهَا بِالحَيَاةِ، وَيَجْعَلَها أَصْلاً لِجِسْمٍ حَيٍّ، قَادِرٌ عَلَى أنْ يُحيِيَ هَذِهِ القَرْيَةَ.
فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلُ ذَلِكَ بِعَينِهِ قَالَ: إِنَّنِي أَعْلَمُ بِأنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، وَقَدْ رَأيْتُ ذَلِكَ بِعَيْنِي.
خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا- سَاقِطَةٌ عَلَى سُقُوفِها التِي سَقَطَتْ.
أنَّى يُحْيِي- كَيْفَ أوْ مَتَى يُحْيِي.
لَمْ يَتَسَنَّهْ- لَمْ يَتَغَيَّرْ مَعَ مُرُورِ الزَّمَنِ عَلَيهِ.
نُنْشِزُهَا- نَرْفَعُهَا مِنَ الأَرْضِ لنُؤلِّفَهَا.


{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)}
{إِبْرَاهِيمُ} {تُحْيِي} {لِّيَطْمَئِنَّ}
(260)- وَاذكُرْ إِذْ سَأَل إبراهِيمُ رَبَّهُ أنْ يُرِيَهُ كَيفَ يُحْيي المَوْتَى لِيَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ، فَسَأَلَهُ رَبُّهُ أوَ لَمْ تُؤْمِنْ بِي وَأنِّي قَادِرٌ عَلَى الإِحْيَاءِ كَيفَ أشَاءُ حَتَّى تَسْألَنِي إِرَاءَتَكَ إِيَّاهُ؟ قَالَ: بَلَى إِنّي مُؤْمِنٌ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّنِي أرِيدُ زِيَادةً فِي اليقِينِ... فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: خُذْ أرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَاذْبَحْهُنَّ وَقَطِّعْهُنَّ وَاخْلُطْ بَعْضَهُنَّ بِبَعْضٍ، ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزءاً. ثُمَّ أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِأنْ يَدْعُوَهُنَّ، فَدَعَاهُنَّ، فَأخَذَ يَنْظُرُ إلى الرِّيشِ يَطِيرُ إلى الرِّيشِ، وَالدَّمِ إِلَى الدَّمِ، وَاللَّحْمِ إِلَى اللَّحْمِ، وَالأجْزَاءِ مِنْ كُلِّ طَائِرٍ يَتَّصِلُ بَعْضُهَا بِبَعْضً، حَتَّى تَكَامَلَ كُلُّ طَائِرٍ عَلَى حِدَتِهِ، وَأتَيْنَهُ يَمْشِينَ سَعْياً لِيَكُونَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي الرُّؤْيةِ التِي سَألَها. ثُمَّ قَالَ اللهُ تَعَالَى لإِبْرَاهِيمَ: اعْلَمْ يَا إبراهيمُ أنَّ اللهَ عَزِيزٌ لا يَغْلِبُهُ أَحَدٌ، وَلا يَمْتَنِعُ عَلَيهِ شَيءٌ، لأَنَّهُ القَاهِرُ لِكُلِّ شَيءٍ، الحَكِيمُ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَشَرْعِهِ وَقَدَرِهِ.
فَصُرْهُنَّ- اجْمَعْهُنَّ إِليَكَ وَقَطِّعْهُنَّ.


{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)}
{أَمْوَالَهُمْ} {يُضَاعِفُ} {وَاسِعٌ}
(261)- يَحُثُّ اللهُ المُؤْمِنِينَ عَلَى إِنْفَاقِ أمْوالِهِمْ فِي سَبيلِ اللهِ، وَابْتِغاءِ مَرْضَاتِهِ (فِي الحَجِّ وفِي الجِهَادِ وَفِي الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ) وَيَضْرِبُ لَهُمُ الزَّرْعَ مَثَلاً عَلَى تَنْمِيَتِهِ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، الأعْمَالَ الصَّالِحَةَ لأِصْحَابِها، فَكَمَا يَنْمُو الزَّرْعُ لِمَنْ بَذَرَهُ، كَذَلِكَ يَتَضَاعَفُ العَمَلُ الصَّالِحُ عَنْدَ اللهِ، وَاللهُ يُضَاعِفُ الأجْرَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، فَيَزِيدُهُ زِيَادَةً لا حَصْرَ لَهَا بِحَسَبِ إخْلاصِ العَبْدِ فِي عَمَلِهِ، وَاللهُ وَاسِعُ الفَضْلِ لا يَنْحَصِرُ فَضْلُهُ، وَلا يُحَدُّ عَطَاؤُهُ، وَهُوَ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ هَذِهِ المُضَاعَفَةَ وَبِمَنْ لا يَسْتَحِقُّهَا.

83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90